الاضطرابات النفسية باختصار
يشهد العالم تطورات كثيرة في مناحي الحياة المختلفة لاسيما على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي الذي اخذ حيز كبير في تحديد المشكلات والامراض التي تهدد الصحة ومحاولة ايجاد الحلول والمعالجات او استئصال البعض منها فيما يخص البدن ومنحى اخر كان مهمشاً ضمن المجتمعات الانسانية ودعوه بالمس الشيطاني والسخط الالهي على ذلك الانسان الذي اضحى ضحية لأضطرابات مشكلتها غير مرئية من ناحية الوسائل التشخيصية من قبل الكهنة والمشعوذين او من يسمو مختصين في تلك العصور لأنها مجهولة السبب مما يفضي بالمصاب بها الى ان يعذب او ينبذ او تزهق روحه او يصبح فأر تجارب لمن عدمت الانسانية في قلوبهم في اخر المطاف دون اي مبرر لذلك. لذلك اثارت حفيظت الكثير من العلماء والمفكرين الذين بدأت توجهاتهم نحو تصويب الامر واخذه على محمل الجد بأنها مشكلة قائمة لابد من دراستها بأسلوب علمي رصين يبنى على الخبرة والملاحظة لبناء معارف عن هذه الاضطرابات والتي اسس لها علم خاص بها يحاول الولوج في مكنوناتها مهما اختلفت وتنوعت ألا وهو الطب النفسي المختص بذلك المجال، حيث فرق بين من هم يعانون هذه الاضطرابات ومن هم لم ينالوا نصيباً منها.
ففي الغالب تعرف الاضطرابات العقلية باكثر من تعريف, ولكن بناءً على احدث التعاريف الوارد ذكرها في كتاب الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس النسخة المنقحة للاضطرابات النفسية لسنة ٢٠٢٢ (DSM-5 TR):
الاضطراب العقلي هو متلازمة تتصف في خلل سريري في الإدراك أو العواطف أو السلوك للفرد تعكس خللاً وظيفيًا في الجانب النفسي أو البيولوجي أو التنموي للعمليات الاساسية للأداء العقلي. عادة ما تكون هذه الاضطرابات وثيقة الصلة في المواقف المؤلمة أو ما تسببه من اعاقات كبيرة في النواحي الاجتماعية أو المهنية أو في النواحي الحياتية المهمة الاخرى. ويستثنى من ذلك الاستجابات الشائعة التي تحصل في حياة الفرد رداً لهذه الضغوط او الخسارة التي يتعرض لها الفرد في حياته، مثل وفاة أحد الأحباء، فهي ليست حالة اضطراب نفسي. وعليه يجب التفريق بين ماهو سلوك منحرف اجتماعيًا (على سبيل المثال ، الانحرافات السياسية أو الدينية أو الجنسية) و الصراعات التي هي محل اختلاف بين توجهات الفرد والمجتمع وليست في واقعها اضطرابات عقلية ما لم تكن هذه الانحرافات أو الصراعات ناتجة عن خلل في قدرات الفرد العقلية او التي ذكرت اعلاه.
حيث توجد العديد من الاضطرابات النفسية والتي حددت معاييرها بناء على الدليل التشخيصي الى عشرون صنفاً من الاضطرابات تحوي في طياتها اضطرابات ذات معايير مخصصة يعتمدها الاخصائي النفسي في التشخيص اضافة الى صنفان يتضمنان حالات اخرى محور اهتمام سريري لا ترتقي الى تصنيفها كأضطراب بحد ذاتها مثل السلوكيات الانتحارية وايذاء النفس ومشكلات العلاقات العائلية والابوية ومشكلات السكن والعمل وغيرها ذات تأثير على حالة النفسية للاشخاص، والاخرى متعلقة في الادوية المحرضة على الاضطرابات الحركية سواء كانت هذه الادوية عقلية او تستخدم للحالات الطبية الاخرى غير العقلية.
اضافة لما تقدم يمكن تحديد ما اذا الشخص يعاني من اضطراب نفسي او لا بوجود احد الاشارتين التاليتين. اولهما متى ما كانت هناك اعراض تزعج الشخص او المحيطين به، وثانياً متى ما كان مصدر خطر لنفسه او للمحيطين به. هنا لا بد من مراجعة المختصين لمنع تفاقم الحالة التي تفضي في نهاية المطاف بعدم امكانية الشفاء منها وجعل الشخص المصاب بها فرد عاجز غير منتج ضمن المجتمع.
ولتجنب الوقوع في مأزق هذه الاضطرابات لابد من اتباع بعض النصائح التي قد تقي او تقلل من حدوثها منها اخذ القسط الكافي من النوم والراحة وتجنب السهر والارهاق، تناول غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن والالياف والحبوب الكاملة، التقليل من تناول المنبهات والسكريات لما لها من تأثير على الحالة المزاجية بالدرجة الاساس اضافة لمشكلاتها الاخرى، وممارسة الرياضة واقلها المشي والتعرض لضوء الشمس واخذ استراحات قصيرة بين فترة واخرى للسفر او زيارة الاماكن ذات العلاقة الروحية او السياحية، ممارسة الهوايات واشغال النفس، و التواصل الاجتماعي مع الاحباء والمقربين وممارسة تمارين الاسترخاء كالتنفس العميق.
بقلم
الدكتور إستبرق علي الحمودي